شرح قصيدة جمال الريف
عند التحدث عن شرح قصيدة جمال الريف يجب القول بأنها تعتبر واحدة من أروع وأجمل القصائد التي قام الشاعر المصري محمود غنيم بتأليفها تيمناً وحباً في الريف المصري الأصيل، وتعد من أبرز إنتاجاته الشعرية والفنية التي خلفها ورائه، فهي من العلامات المضيئة في تاريخه وفي التراث المصري، وفيها نجح هذا الشاعر المتميز في تجسيد جمال الريف المصري بأسلوب متميز وساحر، وللمزيد تابعنا في عالم المعرفة.
جدول المحتويات
شرح قصيدة جمال الريف
لطالما امتلك الشاعر المصري محمود غنيم موهبة شعرية هائلة وأسلوب شعري فريد من نوعه، وكانت هذه الموهبة العظيمة والأسلوب المميز هما نتاج نشأة الشاعر وثقافته اللذان انعكسا بشكل كبير على شعره.
ومن خلال هذه القصيدة استطاع هذا الشاعر أن يسلط الضوء على روعة الريف المصري وإبراز هوية الريف وملامحه المتميزة، كما قام بتجسيد ملامح هذا الريف المصري الجميل ووصفه بأسلوب ساحر.
وفيما يلي سوف نتناول شرح قصيدة جمال الريف بشيء من التفصيل.

شرح الثلاثة أبيات الأولى
يقول الشاعر:
زعموكَ مرعًا للسَوام وليتَهم زعموكَ مرعًا للعقولِ خَصيبَا
فهيَ القرائحُ أنتَ مصدرُ وحيها كم بتَّ تُلهِم شاعرًا وخطِيبا
حيَّيتُ فيكَ الثابتين عقائدًا والطَّاهرينَ سرائرًا وقُلوبا
الشرح:
- في بداية شرح قصيدة جمال الريف يوجه الشاعر كلامه للريف في البيت الأول فيقول له بأن الناس قالوا عنه بأنه مجرد مرعى للماشية، ولكن ليتهم قالوا بأنه مرعى ولكن مرعى للعقول ترعى فيه فتزيد معارفها وآفاقها من سحره وجماله.
- ويكمل حديثه للريف في البيت الثاني فيقول له بأنه كان دائماً مصدراً للقرائح وكان هو مكان الوحي للخطباء والشعراء في كتاباتهم وأشعارهم.
- ويكمل في البيت الثالث ويقول بأنه يوجه التحية لأهل الريف الذين يتحلون بثبات المبادئ والعقائد النقية وأنفسهم طاهرة وقلوبهم صافية.
أقرأ عن..الفرق بين الوحدة والعزلة
شرح الثلاثة أبيات التالية
يكمل الشاعر:
والذَّاهبات إلى الحقول بواكرًا يمشي العفافُ ورائهنَّ رقيبا
سلبتْ عذاراكَ الزهورَ جمالَها فبكَتْ تريدُ جمالَها المسلوبا
كسَت الطَّبيعة وجهَ أرضِكَ سُندسًا وحبَتْ نسيمَك إذ تضوَّع طيبا
الشرح:
- يتحدث الشاعر في البيت الرابع عن فتيات الريف وكيف أنهم يذهبن للعمل في الحقول منذ الصباح الباكر ويمشي العفاف الذي يتصفن به كأنه إنسان يمشي ورائهن ليراقب خطواتهن ويحميهن.
- ويقول في البيت الخامس للريف بأن فتياته أخذن كل الجمال من الزهور، فأخذت الزهور تبكي لاستعادة جمالها المسلوب من هؤلاء الفتيات الجميلات اللواتي أصبحن أجمل وأنقى من الزهور.
- ويكمل في البيت السادس فيقول للريف بأن أرضه قد افترشتها الطبيعة الساحرة بالديباج الرقيق والحرير وامتلأت النسائم التي تهب على أرضه برائحة طيبة عطرة.
شرح الخمس أبيات الأخيرة
يكمل الشاعر:
بسطٌ تظلِّلها الغصون كما انحنَت أمٌّ تقبِّل طفلَها المحبوبا
وبدا النخيلُ غصونُه فيروزجٌ يحملنَ من صافِي العقيقِ حبوبا
سربانِ من بطٍّ وبيضٍ خرَّدٍ يتباريانِ سباحةً ووثوبا
في الرّيف فتيانٌ تسيل جباههُم عرقًا فيصبحُ لؤلؤًا مثقوبَا
لا فتيةٌ مردٌ بأيدٍ بضَّةٍ في كلِّ يومٍ يلبسونَ قشِيبا
الشرح:
- في البيت السابع يكمل الشاعر تغزله في الريف فيقول له بأن أرضه الخضراء تشبه البساط المفروش الذي تميل الغصون بظلالها عليها كالأم التي تقبل طفلها الذي تحبه.
- ويكمل في البيت الثامن فيقول بأن أغصان شجر النخيل ظهرت وكأنها فيروزك ” وهو عبارة عن نوع من الأحجار الكريمة يميل لونها للأخضر”، كما أن ثمار هذه الأشجار من العقيق “وهو حجر كريم أحمر اللون”.
- في البيت التاسع يقول الشاعر بأن الفتيات يتسابقن في أسراب مع أسراب البط على القفز والسباحة.
- أما البيت العاشر يتحدث الشاعر عن الريف ويقول بأنه هو موطن الفتيان الأقوياء بحق الذين من شدة اجتهادهم في عملهم تتسرب قطرات العرق من جباههم الطاهرة كأنها حبات لؤلؤ مثقوب.
- وفي ختام شرح قصيدة جمال الريف يختم الشاعر في البيت الحادي عشر بقوله بأنه لا وجود في الريف لفتيان ناعمي الأيدي وثيابهم شديدة البياض وجديدة، وهذا دليل على عدم رفاهية فتيان الريف واجتهادهم في العمل.
لم تكن هذه القصيدة المميزة وحدها هي ما تركه الشاعر محمود غنيم ورائه، بل ترك ورائه حصيدة أعمال شعرية متميزة ومتقنة جعلت أسمه يجلد في التاريخ، ومن هذه الأعمال ديوان ” في ظلال الثورة “، وديوان ” صرخة في واد “، والكثير من الدواوين الأخرى، وقد شبهه الكثير من الناس نسبة لموهبته الفريدة وأسلوبه المتميز بأنه خليفة الشاعر حافظ إبراهيم.