شرح حديث إنما الأعمال بالنيات
شرح حديث إنما الأعمال بالنيات |لقد حظي هذا الحديث بنصيب وافر من أهتمام أغلب علماء الحديث حيث يشتمل هذا الحديث على قواعد دينية عظيمة وهو يعد أصل عظيم في الدين ويتناول قضية الإخلاص في العمل وتبين شروط النية، وقد قال عنه الإمام الشافعي أنه ثلث العلم ويشترك في سبعين باباً من أبواب الفقه، ولمعرفة معلومات أكثر عن شرح حديث إنما الأعمال بالنيات يمكنك زيارة عالم المعرفة.
جدول المحتويات
متن الحديث
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
” إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل أمريء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ” رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .

شرح حديث إنما الأعمال بالنيات
من أهم النقاط في شرح حديث إنما الأعمال بالنيات ما يلي:
في بداية هذا الحديث بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ” إنما الأعمال بالنيات “، أي أنه لا يوجد عمل إلا ووجدت له نية، فأي إنسان عاقل مكلف لا يمكن أن يقوم بأي عمل بمحض إرادته من غير أن يكون له نية، وهذا رد على أولئك المبتلين بالوسواس ويوهمهم الشيطان أنهم لم ينووا القيام بالعمل فيكررون العمل عدة مرات لطمأنتهم بأن هذا من عمل الشيطان ولا يوجد عمل من غير نية.
ثم بعدها يكمل كلامه صلى الله عليه وسلم بقوله:” وإنما لكل أمريء ما نوى ” وهذا يوحي بوجوب إخلاص المريء في جميع أعماله لله تعالى، حيث أن نية العبد هي ما تبقى له سواء كان بالخير أو بالشر، فإذا نوى في عمله وجه الله والدار الآخرة كتب له الله ثواب هذا العمل، وإن أراد الرياء كتب الله عليه وزر هذا العمل.
ثم بعد ذلك أكمل رسولنا الكريم حديثه بقوله: ” فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله…. إلى آخر الحديث ” وهذا دليل على أن قبول الأعمال مرتبط بالإخلاص في النية، وأن الأصل في الهجرة هو الانتقال من دار الكفر لدار الإسلام، أو من دار المعصية لدار الصلاح، كما أن هذه الهجرة باقية ولا تنقطع ما بقيت التوبة.
النية وفوائدها
تعد النية من أكثر النقاط التي ركز عليها شرح حديث إنما الأعمال بالنيات حيث:
معنى النية في اللغة:
هي عبارة عن الإرادة والقصد، والنية هي من أعمال القلوب ولا يتم النطق بها، والدليل على ذلك أن رسولنا الكريم لم يكن يتلفظ بالنية في عباداته.
فوائد النية:
- التمييز بين العبادات وبعضها:
- مثل التمييز بين صيام الفرض وصيام النافلة، أو التمييز بين الصدقة وقضاء الدين، وهكذا.
- التمييز بين العبادات والعادات:
- مثل اغتسال الرجل وفي نيته الغسل من الجنابة، فيكون هذا الاغتسال عبادة يُثاب العبد عليها، أما الاغتسال بهدف التبرد من الحر فهذا الاغتسال يكون عادة ولا يُثاب العبد عليها، ومن هذا الحديث استطاع العلماء استنباط قاعدة فقهية مهمة تدخل في كل أبواب الففه ألا وهي قاعدة: ” الأمور بمقاصدها “.
سلامة النية
حيث أنه كما ذكرنا سابقاً لا يوجد عمل من غير نية، ولا يستطيع أي شخص مكلف القيام بعمل من دون أن تكون لهذا العمل نية.
ولهذا يجب على كل شخص أن يخلص في أعماله لله تعالى وأن يجعل نيته خالصة لله في جميع أمور حياته ودنياه.
كما لابد على الإنسان المؤمن العاقل أن يجعل الآخرة هي مبلغ همه في جميع أموره وأحواله، وألا ينشغل بالدنيا عن الآخرة، وأن يحذر من الرياء في أعماله أو كما يسميه البعض الشرك الأصغر.
ومن أهمية وفضل سلامة النية أنها قد تجلب للإنسان ثواب أعمال عظيمة وكبيرة لم يقم بفعلها، وتجعله يبلغ منازل الأبرار وهو في مكانه بسبب سلامة نيته، ولهذا فإن قبول الأعمال مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالإخلاص في النية.
تعرف على…حقوق المساجد في الإسلام
الهجرة إلى الله
حيث ربط شرح حديث إنما الأعمال بالنيات بين النية وصلاحها وبين مثال الهجرة، حيث لابد أن تكون الهجرة خالصة لله تعالى، والهجرة هنا هي الانتقال من دار المعصية لدار الإسلام، كما أن للهجرة ثلاثة مقاصد في الشرع وهي:
هجر المكان: ومعناها ترك دار الكفر والتوجه لدار الإيمان.
هجر العمل: والمقصود به هجر الأعمال السيئة والمعاصي.
هجر العامل: أي هجر أهل المعاصي والذنوب، ولكن بشرط أن تتحقق مصلحة من وراء هجرهم فيتراجعوا عما كانوا عليه، أما إن كان الهجر لا يحقق أي مصلحة فإنه يكون محرماً.
من عظيم شأن هذا الحديث الشريف أن الإمام البخاري بدأ به كتابه الصحيح وأقامه في مقام الخطبة ليقول بأن كل عمر لا يُبتغى به وجه الله تعالى فهو عمل باطل في الدنيا والآخرة، وقد قال الإمام أحمد عنه أن أصل الإسلام في ثلاثة أحاديث هي: حديث عمر الأعمال بالنيات، وحديث عائشة من أحدث في أمرنا هذا، وحديث النعمان بن بشير الحلال بين والحرام بين.