رسائل جبران إلى مي زيادة
رسائل جبران إلى مي زيادة ، ظلت علاقتها متباعدة لفترة كبيرة، لم يكن خط الوصل بينهما سوى الرسائل التي سطرت تاريخ الحب في أبهى صوره، لم تكن رسائلهما التي كانا يتبادلانها مجرد رسائل عادية، بل كان حمم بركانية تخرج من باطن الأرض وتصب نيرانها في أوراق بيضاء ممزوجة بعشق لم نسمع عنه سوى في قصص الخيال، وهذا ما وجدناه في رسائل جبران إلى مي زيادة، وفي عالم المعرفة سوف نتعرف على هذه الرسائل بالتفصيل.
جدول المحتويات
رسائل جبران إلى مي زيادة
بدأت العلاقة بين الأديب والكاتبة بعدما رأت مي زيادة رواية الشاعر والأديب جبران خليل جبران، والتي تأتي تحت اسم “الأجنحة المتكسرة”، وهذا بجانب مقالته التي أعجبتها، وهذا ما الهمها إلى أن تصير من أشد معجبي الأديب، ومن ثم حبيبته وعشيقته الملهمة، وهذا ما أستمر إلى أكثر من 12 عامًا من خطابات الحب والعشق دون أن يلتقيا خلالها.
تبادل العشيقان الكثير من الرسائل التي حملت من خلالها كل معاني الإحساس والتناغم فيما بينهما، وبالرغم من البعد بينهما إلا أن العلاقة الروحية بينهما من صداقة، إلى عشق وصل من خلال الرسال التي كانت بينهما، وكأن في كل رسالة لقاء وتعبير شفوي عن مدجى ما تحمله الرسالة من معنى.
أبرز رسائل جبران إلى مي زيادة
واختلفت رسائل الحب التي كانت تذهب وتأتي جبران خليل جبران ومي زيادة، والتي تحمل في طياتها كل معاني الحب والعشق التي لم يستطع أحد أن يصفها كما وصفها العشيقان، حيث جسدت كل خصال الحب دون لقاء، ودون نظرة يرى فيها المحبوب حبيبته، وبالرغم من ذلك فإن هذه الرسائل كانت تصف كل ما يجتاح إلى جبران ومي من تغذية للمشاعر وإطعامًا للقلب.
وجاء في رسالة جبران التي رَدّ فيها على اعتراف مي بحبها له: “تقولين لي أنك تخافين الحب، لماذا تخافين يا صغيرتي، أتخافين نورَ الشمس، أتخافين مدَّ البحر، أتخافين مجيء الربيع، لماذا يا ترى تخافين الحب. أنا أعلم أن القليل من الحب لا يرضيكِ، كما أعلم أن القليل في الحب لا يرضيني. أنت وأنا لا ولن نرضى بالقليل، نحن نريد الكثير. نحن نريد كل شيءٍ، نحن نريد الكمال، لا تخافي الحب يا ماري -الاسم الحقيقي لمي زيادة-. لا تخافي الحب يا رفيقة قلبي. علينا أن نستسلم إليه رغم ما فيه من الألم والحنين والوحشة، ورغم ما فيه من الالتباس والحيرة”.
ومن تلك الرسائل: “أنت تحيين فيّ وأنا أحيا فيك، أنت تعلمينَ ذلك وأنا أعلم ذلك”، ويقول لمي زيادة في رسالةٍ ثالثةٍ: “أنتِ أقرب الناس إلى روحي، أنتِ أقرب الناس إلى قلبي، ونحن لم نتخاصمْ قط بروحيْنا أو بقلبيْنا، لم نتخاصمْ بغير الفكر، والفكر شيءٌ مكتسَبٌ، شيءٌ نقتبسه من المحيط، من المرئيات، من مآتي الأيام، أمّا الروح والقلب فقد كانا فينا جوهرييْن علوييْن قبل أن نفتكر”.
يقول جبران مخاطبًا مي زيادة في واحدةٍ من رسائله: “أنت يا مي كنز من كنوز الحياة، بل وأكثر من ذلك أنتِ أنتِ، وإني أحمد الله لأنكِ من أمةٍ أنا من أبناها، ولأنَّكِ عائشةٌ في زمنٍ أعيش فيه، كلما تخيلتكِ عائشة في القرن الماضي أو في القرن الآتي رفعتُ يدي وخفقتُ بها الهوا كمن يريد أن يزيل غيمةً من الدخان من أمام وجهه”
وكتب أيضًا: “نحن اليوم رهن عاصفة ثلجية جليلة مهيبة، وأنت تعلمين يا ماري أنا أحب جميع العواصف وخاصة الثلجية، أحب الثلج، أحب بياضه، وأحب هبوطه، وأحب سكوته العميق. وأحب الثلج في الأودية البعيدة المجهول حتى يتساقط مرفرفاً، ثم يتلألأ بنور الشمس، ثم يذوب ويسير أغنيته المنخفضة.. أحب الثلج وأحب النار، وهما من مصدر واحد، ولكن لم يكن حبي لهما قط سوى شكل من الاستعداد لحب أقوى وأعلى وأوسع. ما ألطف من قال: يا مي عيدك يوم، وأنت عيد الزمان.. انظري يا محبوبتي العذبة إلى قدس أقداس الحياة، عندما بلغت هذه الكلمة ((رفيقة)) ارتعش قلبي في صدري، فقمت ومشيت ذهاباً في هذه الغرفة كمن يبحث عن رفيقه. ما أغرب ما تفعله بنا كلمة واحدة في بعض الأحايين! وما أشبه تلك الكلمة الواحدة برنين جرس الكنيسة عند الغروب! إنها تحول الذات الخفية فينا من الكلام إلى السكوت، ومن العمل إلى الصلاة”.